إعداد: سامح محمد
يعتبر موضوع العلاقات المدنية العسكرية في الجزائر من المواضيع التي تطرح نقاشاتٍ نظرية كبيرة، ففي حين يرى البعض أن المؤسسة العسكرية هي السبب الرئيسي في حدوث الحرب الأهلية الجزائرية بعد قيامها بإلغاء المسار الانتخابى عام 1991، ويرى هؤلاء أيضاً أن هذه المؤسسة هي العامل الرئيسي فى عدم تحول الجزائر إلى الديمقراطية نظراً لسيطرتها على الحياة السياسية، ومنع القوى السياسية المعارضة لها من الوصول إلى الحكم أو حتى مجرد التعبير عن آرائهم.
يرى البعض الآخر أن هذه الادعاءات ما هي إلا محاولة من السياسيين لتحميل الجيش مسئولية الفشل والعجز الداخلى؛ لتبرير فشلهم بعدما تراجعت أسطوانة الاستعمار والإمبريالية، كما أنها محاولات من بعض القوى الخارجية لإضعاف المؤسسة العسكرية الجزائرية، بل ويدعم هؤلاء تدخل الجيش فى السياسية باعتباره المؤسسة الأكثر تنظيماً، كما أنه يشتمل على جميع فئات المجتمع إلى جانب قيامه بدور القطاع العام فى وقت يزداد فيه تراجع دور الدولة.
وعلى أرض الواقع، تلعب المؤسسة العسكرية فى الجزائر دوراً كبيراً فى الحياة السياسية، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى كونها من قامت بتحرير البلاد من المستعمر الفرنسى، وهو ما أدى إلى اكتسابها شرعية الحكم فيما بعد، فمنذ تحرير البلاد والجيش يسيطر على مؤسسة الرئاسة سواء من خلال تولي الحكم مباشرةً أو من خلال التخفي وراء واجهات مدنية، وعندما كان الرؤساء يختلفون مع العسكريين؛ كان يتم التخلص منهم سواء بإجبارهم على الاستقالة أو باغتيالهم.
إلا أن سيطرة المؤسسة العسكرية على مؤسسة الرئاسة لم تكن سيطرة تامة، فقد حدثت مجموعة من الصراعات بين هاتين المؤسستين، وهو ما أدى إلى قيام الرؤساء بمجموعة من المحاولات من أجل تقليل سيطرة العسكريين عليهم، وتركز الدراسة فى هذا الصدد على محاولات الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة»، فقد مثل النفوذ السياسى للجيش التحدى الأكبر للرئيس «عبد العزيز بوتفليقة» الذي عمل على تقليل هذا النفوذ من خلال: العمل على الحصول على ثقة قيادات الجيش، وتوفير ظهير مدني داعم له، بالإضافة إلى توفير الدعم الخارجي.
ويبدو أن مسألة من يخلف «بوتفليقة» فى الحكم ستمثل نقطة جوهرية فى تحديد مستقبل العلاقة بين مؤسسة الجيش والرئاسة، وهو ما سيتحدد من خلال الإجابة على التساؤلات الآتية: هل سيتم الاتفاق على ترشيح شخصية مدنية لخلافة الرئيس «بوتفليقة» تكون محل توافق بين مؤسستي الجيش والرئاسة؟ أم سيستمر الخلاف حول من يخلف «بوتفليقة» وبالتالي العمل على دفع «بوتفليقة» للترشح لولاية خامسة؟ أم يقرر رئيس الأركان «قايد صالح» ترشيح نفسه للانتخابات القادمة؟
Leave A Comment