المجتمع المدني والعناصر الرئيسة للخدمات الاجتماعية في الدولة العثمانية

إعداد: آدم داغ 

ترجمة: غادة وافي 

مراجعة الترجمة: د. أسماء مكاوي

ثمة اجتهادات متنوعة في تعريف مفهوم «المجتمع المدني». ويعد المعنى الأصلي لهذا المفهوم هو «المجتمع السياسي» الذي يحكمه القانون تحت سلطة الدولة، لكن المعنى الأكثر شيوعًا هو تمييز المجتمع المدني عن الدولة، بوصفه مجالًا للمجموعات والجمعيات المستقلة؛ مثل جمعيات رجال الأعمال، وجماعات الضغط، والأندية، والعائلات، ونحوها. أي أن المجتمع المدني يتكون مما أطلق عليه إدموند بيرك «الجماعات أو الفصائل الصغيرةlittle platoons». وبهذا المعنى يعكس التمييز بين المجتمع المدني والدولة الانقسام بين العام والخاص؛ فالمجتمع المدني يضم المؤسسات الخاصة المستقلة عن الحكومة والمنظمة من قِبل الأفراد؛ لتحقيق أهدافهم ومصالحهم. ووفقًا لتعريف الأمم المتحدة، يعد المجتمع المدني هو القطاع الثالث من قطاعات المجتمع جنبًا إلى جنب مع الحكومة وقطاع الأعمال، وهو يتكون من منظمات المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية.

وقد أصبح هذا المصطلح مصطلحًا هامًّا في أدبيات النقاش السياسي في تركيا بعد عام 1980، حيث أدت التدخلات العسكرية إلى استهداف بعض المثقفين إحياء التحرك الاجتماعي، من خلال تصدير مفهوم المجتمع المدني لمواجهة سيطرة السلطة المركزية على المبادرات الاجتماعية. فقد أظهر الاستياء الذي خلفه حراك 12 سبتمبر، وبخاصة لدى التيار اليساري، ميل بعض المثقفين فيه إلى التصدي للحكم العسكري بحجة المجتمع المدني. مما يعني أن الانقلاب العسكري في تركيا عام 1980 تسبب في تغييرات هامة في مسار تشكيل المجتمع المدني. ولأجل فهم كيف وصلت العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في تركيا للوضع الحالي؛ سنتناول في هذه الدراسة الخلفية التاريخية لهذه العلاقة، أي علاقة الدولة بالمجتمع في عهد الدولة العثمانية، وذلك من خلال فحص النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للدولة العثمانية؛ مما يمكننا من تتبع المراحل التي مرت بها العلاقة بين الدولة والمجتمع، في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للدولة العثمانية، ويلقي الضوء على الوضع الحالي لهذه العلاقة.

وتتناول الدراسة المؤسسات، التي يمكن اعتبارها قد ساهمت في تكوين المجتمع المدني في الدولة العثمانية، والتي على الرغم من أنها لم تكن مستقلة تمامًا عن الدولة، فإنها تكتسب أهميتها من ناحية كونها عوامل يمكن أن تسهم في تكوين المجتمع المدني. وتتطرق هذه الدراسة أيضًا إلى عملية تحديث الدولة العثمانية، وإنشاء منظمات المجتمع المدني، حيث تراجعت قوة الحكم المركزي في الإمبراطورية العثمانية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وتواصلت التغييرات الاجتماعية بقدر التغييرات السياسية في مرحلة الانتقال من الدولة العثمانية للجمهورية التركية.

مترجم عن اللغة التركية