إعداد: جعفر طلحة شكر
ترجمة: إسراء محمد
مراجعة الترجمة: د.أسماء مكاوي
قبل نهاية الربع الأول من القرن العشرين ومع انهيار الدولة العثمانية، خضعت منطقة الشرق الأوسط للاستعمار الغربي، واستطاعت دول المنطقة أن تحصل على استقلالها في أثناء الحرب العالمية الثانية وعقبها، ولكن الحصار الأيديولوجي الذي طال مناطق كثيرة، ومنها منطقة الشرق الأوسط، والحرب الباردة (1947: 1991) حالا دون تحقيق الاستقلال الكامل وتكوين بيئة آمنة؛ فاضطرت دول الشرق الأوسط إلى إنفاق قسم كبير من مواردها الاقتصادية على التسلح بسبب الحرب العربية الإسرائيلية والنزاعات الداخلية.
وفي ظل النظام العالمي الجديد، استطاعت الدول الأوروبية تسويق أسلحتها وبيعها لدول الشرق الأوسط، وسعت كل دول المنطقة إلى مزيد من التسلح بدعوى حماية حدودها بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وظهور الجماعات المتطرفة، والتغييرات الحدودية الجديدة؛ فأصبحت بذلك أكبر عميل لمنتجي الأسلحة.
وسرعان ما أصبحت اللغة الدبلوماسية بين دول الشرق الأوسط أكثر حدة، وبدأت لغة الأسلحة تطغى على المنطقة، كما أصبحت منطقة الشرق الأوسط واحدة من الأسواق التي لا غنى عنها في صناعة الأسلحة العالمية؛ بسبب موقعها الإستراتيجي المهم؛ حيث تلتقي بها قارات أوروبا وآسيا وإفريقيا، وتمر بها طرق التجارة العالمية، وبسبب امتلاكها للبترول.
تغيرت الحدود السياسية والإنسانية للمنطقة بعد احتلال أفغانستان والعراق، واتسعت أكثر مناطق النزاع، بسبب الغموض الذي جلبه “الربيع العربي”، ومن اللافت للنظر أن شركات السلاح العالمية تلعب دورًا رئيسًا لإبقاء الصورة كما هي الآن، وبعبارة أخرى فإن الحروب التي تُشَنُّ في المنطقة تخلق أسواقًا جديدة؛ إذ تفتح المجال أمام الشركات الأوروبية لتبيع أسلحتها، وهكذا أصبحت منطقة الشرق الأوسط الغنية بالبترول -في أجواء معقدة وغير واضحة- أكبر سوق جاذبة للأسلحة في العالم.
إن استمرار الحروب في الدول العربية مرتبط ارتباطًا مباشرًا بالأسلحة القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا السبب، يمكن التنبؤ بمستقبل الحرب في المنطقة من خلال النظر لشركات السلاح الموجودة في الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وأسلحتها التي تواصل بيعها لدول الشرق الأوسط.
وبمعنى آخر، فإن الدول الأعضاء في مجلس الأمن التي تقر قوانين بشأن السلام والحرب في العالم الجديد، هي الدول نفسها التي تحقق أكبر استفادة من الحروب المحتملة؛ حيث تنتج وتبيع أكثر من نصف الأسلحة في العالم.
Leave A Comment