إعداد: هشام قادري – إلميرا أحمدوفا
ترجمة وتقديم: عمر عبد الرازق
تصاعد الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ووسط آسيا، باعتبارها قوة إقليمية ودولية فاعلة وقوة عظمى صاعدة تستعيد دورها العالمي المفقود منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، فكان المعهود عنها إمبراطوريةً عظمى قيصرية، ثم مركزًا للكتلة الشرقية الاشتراكية إزاء الكتلة الغربية الرأسمالية إبان الحرب الباردة، حتى بات هذا الصعود مثيرًا للاهتمام ومجالًا للدراسة.
وفي هذا الإطار تهدف الدراسة إلى الاقتراب نقديًّا من إحدى الدعائم الداخلية والخارجية للتوجهات الروسية الخارجية الجديدة، وهي الكنيسة الروسية الأرثوذوكسية، التي يتحالف معها الكرملين في الكثير من الملفات، وأهمها ملف الجبهة الروسية لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، وتتخذ الدراسة من سوريا حالةً للدراسة، وحالة نموذجية لإستراتيجية جبهة مكافحة الإرهاب الروسية.
وتتمثل حجة الدراسة الرئيسة في أن الدور القيادي لروسيا في جبهة مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط مبني على إستراتيجية مركزها الأمن والهوية القومية، فتتحجج روسيا بمكافحة الإرهاب، في حين تتطلع لأن تكون قوة مهيمنة في الشئون الإقليمية ومن ثم الدولية.
وتنتهي الدراسة إلى أن روسيا توظِّف الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية سياسيًّا، باعتبارها أداة قوة ناعمة لدعم سياستها الخارجية؛ في سبيل تحقيق مصالحها وأمنها القومي، وترتبط هذه المصالح بالحفاظ على موطئ قدم لها في المياه الدافئة، واستعادة محيطها الجيوإستراتيجي في أوروبا الشرقية، والحفاظ على أمنها الداخلي.
كما تسعى الدولة الروسية الجديدة إلى بناء هوية وطنية مترابطة، توفر لها التماسك على المستوى الداخلي، وتستعين بالكنيسة وقيمها في عملية بناء الهوية هذه التي تضع ماضي روسيا القيصري في القلب منه، فثمة رغبة جامحة عند القادة الروس لاستعادة الماضي القيصري لروسيا، فتتحالف الكنيسة مع الدولة، وتتبادلان الأدوار، وتؤثران في القرار العالمي، وهي الرغبة التي تحدو الكنيسة كذلك؛ لاستعادة موقعها في الدولة وتأكيده، بعد سنوات عانت فيها من التحجيم على يد النظام الشيوعي.
وتميل الدراسة إلى اعتبار علاقة المنفعة المتبادلة بين الكنيسة والدولة تصب في صالح الدولة ومصالحها وصورتها الدولية، أكثر مما تفيد الكنيسة، وأن روسيا تستغل مكانة الكنيسة ونفوذها الروحي على المسيحيين الأرثوذوكس؛ لتحسين صورتها، وإضفاء الشرعية على تدخلاتها في شئون الدول، لا سيما الشأن السوري. ويؤكد المقال، من خلال الاستعانة بالفيلسوف الروسي «ألكسندر دوجين»، مركزية الجيوسياسة في خطط روسيا الجديدة، وأهمية مجال نفوذها الجغرافي في استعادة ماضيها القيصري.
Leave A Comment