إعداد: سرهات أوراكتشي

ترجمة: نجم الدين محمود

مراجعة الترجمة: د.أسماء مكاوي

تعتمد كل حضارة في قيامها على تطوير التعليم وتوجيهه؛ فبه تُثقَل المهارات وتُشحذ العقول وتُغذى المشاعر الدينية ويُعدُّ الأكفاء في جميع المجالات؛ ليتولوا في المستقبل زمام الأمور، ومع ظهور الدولة القومية الحديثة بحلول القرن التاسع عشر، لعب التعليم دورًا جديدًا في تشكيل عقول الشباب، وتكوين مشاعر الولاء والطاعة عند النشء، وغرس التقاليد والقيم الثقافية، من خلال أنظمة التعليم ومناهجه ومنهجياته، ولم يغفل المستعمرون عن دور التعليم في تحقيق أهداف الاستعمار وخفض روح المقاومة لدى الدول المستعمَرة؛ ولذلك كان العبث بالتعليم هدفًا رئيسًا للمستعمرين؛ إذ أنه يمهد طريقهم، ويضمن وجودهم حتى بعد رحيلهم.

جلبت القوى الاستعمارية لإفريقيا نُظم تعليمها بصحبة جيوشها، ولم يَسلم التعليم من براثن الاستعمار؛ فعملت المؤسسات الأولى -التي تأسست في فترة الاستعمار- على نشر ثقافة المستعمر ولغته، وتعزيز القيم والمبادئ الغربية، فضلًا عن إضفاء الشرعية على الاستعمار، ومع انهيار نظام التعليم التقليدي وترسيخ نظام التعليم الغربي، ظهرت شرائح نخبوية إفريقية تلقت تعليمها في الجامعات الغربية، وأصبحت في منأى عن احتياجات شعوبها ومجتمعاتها؛ ما أدى إلى زيادة الأزمات التعليمية في الدول الإفريقية، وخصوصًا دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث الدول الأكثر شبابًا وفقرًا في العالم.

تُقسم الأنشطة التعليمية في قارة إفريقيا على المستوى الزمني إلى ثلاث فترات أساسية: فترة ما قبل الاستعمار حيث الهياكل التقليدية، وفترة الاستعمار التي ظهر فيها أثر الحداثة والتغريب، وفترة ما بعد الاستعمار التي حصلت فيها دول إفريقيا على استقلالها، وسعت فيها لإنشاء هوية حرة.

تركز الدراسة على آثار الفترة الاستعمارية التي لا تزال واضحة حتى اليوم في المناهج الدراسية والمؤسسات والمنهجيات التعليمية في القارة، وتسلط الضوء على السمات الأساسية للهيكل التعليمي الذي تأسس بشكل أساسي في تلك الفترة، وتبين امتداد جذور الأزمات الكثيرة التي تعانيها القارة في مجال التعليم إلى فترة الاستعمار.

حمل الدراسة كاملة