إعداد: عبد الرحمن عاطف

يعرض كتاب (قيادة الاحتجاجات في العصر الرقمي)، الذي ألّفته «بيلور أصلان أوزغول»، تفاصيل تنظيم الاحتجاجات بشكلها المعاصر، ويصف إستراتيجيات التعبئة للناشطين الشباب في العصر الرقمي؛ بهدف تحديد التكتيكات التي نجحت في تحقيق نتائج ملموسة وواسعة الانتشار على أرض الواقع والإنترنت على حد سواء.

ويركز الكتاب على الاحتجاجات في مصر وسوريا وقت الربيع العربي (2011)، ويقدم بيانات تجمع بين تجارب وآراء الشخصيات الرئيسة المشاركة في الاحتجاجات، سواء على الأرض أو عبر الإنترنت، من خلال عقد المقابلات الشخصية معهم، ومناقشتهم، واستنتاج عدة ملاحظات مهمة، ومن ثم يقدم الكتاب صورة مختلفة عن التصورات السائدة ووجهات النظر التي وصفت الانتفاضات العربية بأنها حركات بلا قيادة، تشكلت من خلال الاتصالات غير الهرمية للتقنيات الرقمية، كذلك يلفت الكتاب النظر إلى دخول عامل التكنولوجيا ووسائل الإعلام الجديدة – ومن ضمنها وسائل التواصل الاجتماعي – في تنظيم وحشد الاحتجاجات، والذي كان عنصرًا فارقًا ومحوريًّا في العملية الاحتجاجية، كما تعرض المؤلفة أنواع القادة الذين يشكلون بيئة الاتصال السياسي في الاحتجاجات المدعومة رقميًّا، وتسلط الضوء على أهمية مهاراتهم القيادية، وقدرتهم على الحشد، سواء واقعيًّا أو رقميًّا.

واعتمدت الباحثة في الكتاب على الجمع بين المنهج الاستقرائي، الذي يقوم على الملاحظة وجمع المعلومات حول الموضوع وعرضها، وبين توضيح نظريات علماء الاجتماع والحراك الاجتماعي بشأن موضوع الدراسة، إلى جانب عرض آراء الخبراء والثوار الذين عاصروا أو شاركوا في ثورات الربيع العربي في مصر وسوريا.

يشتمل الكتاب على ثمانية فصول؛ يمثل الفصل الأول مقدمة الكتاب، ويعرض الخطوط العريضة للفصول وما يدور فيها، أما الفصل الثاني فيعرض السياقات الوطنية المختلفة في سوريا ومصر، ويقارن بين السياقات السياسية، والاقتصادية، والثقافية، فضلًا عن هياكل المجتمع المدني والإعلام في البلدين، ويتناول الفصل الثالث أنواع الفاعلين، ودورهم في العملية التنظيمية للانتفاضة واستمرارية الاحتجاجات، كما يوضح الفصل أن تجربة الاحتجاج السابقة للمصريين، وشبكاتهم الاجتماعية، كانت حاسمة بالنسبة للتنظيم المتماسك، على عكس ما حدث في سوريا، ويتطرق الفصل الرابع إلى عرض نظرية “تعبئة الموارد” في حركات اليوم، فيتتبع محاولات التعبئة والتنسيق بين المتظاهرين المصريين، ويهتم بدور المؤسسات السياسية والمنظمات غير الحكومية في توسيع الشبكات، وتوفير الموارد التقنية، ويتابع الفصل الخامس مناقشة أنواع الجهات الفاعلة في العملية الاحتجاجية في سوريا، ودورها في استدامة عملية التنظيم، أما الفصل السادس، فيكشف عن قدرات التنسيق، والتعبئة، والحشد، لدى النشطاء والمتظاهرين في سوريا، ويقارن الفصل السابع بين قدرات القادة في مصر وسوريا، الذين ذُكروا مقدمًا في فصول سابقة، فهو أشبه بالإجمال بعد التفصيل، وأخيرًا يعرض الفصل الثامن آراء الباحثة في مجمل فصول الكتاب، وخلاصة لأهم ما ورد فيه، بالإضافة إلى عرض آراء بعض النشطاء في مصر وسوريا خلال ثورات الربيع العربي وما بعدها.

حمل الدراسة