إعداد: آدم جيسموندي – لورا أوستين
ترجمة: أسماء عبده
لطالما كانت الجامعة حجر زاوية في كل نضال جمعي عرفه التاريخ الحديث تقريبًا، فإما انطلقت شرارة النضال الأولى من الجامعة ثم تبعها الشارع، وإما انطلقت من الشارع فتردد صداها في أروقة الجامعة. والشواهد على ذلك كثيرة ومتنوعة سواء على الصعيد الوطني أو العالمي. ففي مصر على سبيل المثال، كان الطلاب محركًا رئيسيًّا وشريكًا فاعلًا للنضال الوطني الأكبر، فحتى قبل إنشاء الجامعة المصرية في عام ١٩٠٨، ناضل طلاب الأزهر ضد المحتل الفرنسي، ثم أسس مصطفى كامل نادي المدارس العليا، وهو نادٍ يضم خريجي تلك المدارس وطلابها ويتمحور حديثهم حول الوضع السياسي لمصر وما تمر به البلاد من استعمار.
أما أول حركة طلابية بمفهومها المعروف فكانت في ثورة ١٩١٩، وقد كان للطلاب يد السبق والفضل في تلك الثورة حين احتشدوا وتجمهروا أمام بيت الأمة ووجهوا الدعوة للخروج من المدارس والاحتشاد، وكان ذلك تحركًا فارقًا في مجريات الأحداث. وأخذت الحركة الطلابية تتحور وتتغير رموزها وتنتقل رايتها من جيل لجيل ومن فصيل لفصيل، لكنها ما زالت تمتاز بالصلابة والقوة والجرأة والاندفاع تمامًا كأعضائها من الشباب، لتشهد الجامعة معركة أخرى تخص الجامعة ذاتها هذه المرة، فينهض الطلاب للمطالبة باستقلال جامعتهم إثر قرار الخديوي عزلَ عميد كلية الآداب حينها الدكتور طه حسين. ويُضرب الطلاب عن الدراسة ويخرجون في مظاهرات حاشدة إلى قصر عابدين مطالبين الخديوي بأن يُرجع د. طه حسين إلى منصب العمادة من جديد. ولأول مرة في عام ١٩٣٢ تقتحم قوات البوليس حرم الجامعة لفضّ اعتصامات الطلاب، وهنا لجأ طلاب الجامعة المصرية إلى حل شديد الابتكار وسابق لزمنهم بكثير؛ حيث لجأوا إلى تدويل قضيتهم وأرسلوا بمكاتيب لجامعات العالم تدعوهم للتضامن معهم في مواجهة عبث الحكومة بمبدأ استقلال الجامعة.
وانطلاقًا من تلك النقطة وما حدث في عام ١٩٣٢، يحدونا التساؤل: ماذا لو شهد أولئك الطلاب القدامى ما آلت إليه وسائل التواصل الاجتماعي؟ فأنت تملك منصة تجعلك مسموعًا عالميًّا وأن يشهد العالم كله على الظلم والقهر والعدوان، وأن تظل تلك الوسائل مظلة حماية -ولو جزئيًّا- مما كان من الممكن حدوثه لو طغى الصمت.
تناقش هذه الدراسة دور وسائل التواصل الاجتماعي في تنظيم الفعاليات والاحتجاجات وتوفير المساعدات وتوثيق الاعتداءات. وفي سبيل ذلك ترصد الدراسة رحلة ثلاث حركات لاقت صدًى عالميًّا هي: حركة احتلوا وول ستريت، وحركة حياة السود مهمة، والاحتجاجات الطلابية في كيبيك. وعلى الرغم من اختلاف المسارات والأحداث فقد اجتمعت تلك الحركات وتلاقت في تصدير قوة وسائل التواصل وبيان كيف استفادت منها وفيم أخفقت، وما الذي يجب على الطلاب فهمه في حال أرادوا تنظيم احتجاج عارم يقول إنهم ما زالوا هنا.. أحياء!
Leave A Comment