إعداد: إسلام عسلية

ترجمة: نور الدين محمود

مراجعة الترجمة: د.أسماء مكاوي

رزحت فلسطين عقب الحرب العالمية الأولى تحت نير الاحتلال الإنجليزي، وقد كان وعد بلفور – الذي أُعلن عام 1917 قبيل هذا الاحتلال – نقطة تحول مهمة لتقسيم الشرق الأوسط ومنح اليهود وطنًا قوميًّا في فلسطين؛ حيث بدأ الصهاينة عقب هذه المرحلة يستولون على الأراضي الفلسطينية ويبنون مستوطنات يهودية عليها، بادئين عهدًا جديدًا من القمع والعدوان على الأبرياء والمدنيين.

وبدأ كفاح الشعب الفلسطيني ضد العدو الصهيوني منذ أول يوم وطئت فيه أقدام اليهود أرض فلسطين، وتدفقَ معين لا ينضب من الشهداء والمقاومين، ولكن طوال هذه المرحلة من الصراع كانت هناك موجتان من النضال أثرتا تأثيرًا كبيرًا في شكل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ الأولى: الانتفاضة الأولى أو انتفاضة الحجارة التي اندلعت في ديسمبر 1987، وأسفرت عن الكثير من القتلى والجرحى، وتولَّدت منها العديد من حركات المقاومة الفلسطينية، والثانية: الانتفاضة الثانية أو انتفاضة الأقصى التي اندلعت في سبتمبر 2000، واستمرت خمس سنوات بين القتل والتشريد، وكانت شرارتها الزيارة الاستفزازية لزعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرئيل شارون لباحة المسجد الأقصى، في ظل احتقان الشارع الفلسطيني وإحباطه نتيجة عدم التزام إسرائيل بما اتفق عليه في أوسلو.

ولم تقتصر آثار انتفاضة الأقصى على الخسائر البشرية فحسب، بل تعدَّتها لتشمل جميع نواحي الحياة في فلسطين، فقد أسفرت انتفاضة الأقصى – بجانب اغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية: أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وياسر عرفات – عن تدمير البنى التحتية الفلسطينية وتدمير قطاعات عديدة مثل: الزراعة والتجارة والصناعة؛ وهو ما أثر بالسلب على حياة الفلسطينيين بشكل مباشر؛ فتشردت آلاف الأسر، وفقد آلاف آخرون أعمالهم ومصدر قوتهم، بالإضافة إلى بناء الجدار العازل في الضفة الغربية، الذي استغلته إسرائيل في الاستيلاء على الأراضي والمزارع الفلسطينية وتوسيع مساحة مستوطناتها، ولم تتوقف الآثار على سنوات الانتفاضة الخمس، بل تعدتها لما بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة؛ حيث فرضت إسرائيل حصارًا على القطاع أدى إلى انقطاع سبل الحياة عن الأراضي الفلسطينية.

يتناول هذا البحث أسباب انتفاضة الأقصى، ويكشف عن مجريات أحداثها والآثار المترتبة عليها في جميع الجوانب السياسية والدولية والعسكرية والاقتصادية والزراعية، بالإضافة إلى البنى التحتية والاجتماعية في فلسطين.

حمل الدراسة