إعداد: جوناثان كوك
ترجمة: طاهرة عامر
في هذا المقال، ينقل لنا المؤلف «جوناثان كوك» -الكاتب والصحفي ذو الأصول الإسرائيلية والبريطانية والمقيم في الأراضي المحتلة- صورة حية لمدى الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين. انتهاكات تُعَدُّ تجاوزًا صارخًا للقانون الدولي. ويكشف «كوك» ببراعة عن كيفية استغلال إسرائيل للثغرات والمسوَّدات في القوانين الدولية، بما يمكِّنها من منح نفسها تبريرًا ملونًا لمواصلة سياساتها الاستيطانية وانتهاكاتها المستمرة.
السيد «كوك» ليس مجرد مراقب عادي، بل هو مؤلف ثلاثة كتب مهمة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وحائز على جائزة «مارثا جيلهورن» الرفيعة في مجال الصحافة، مما يضفي على كلماته ورؤيته وزنًا مهمًّا وشهادةً من قلب الحدث على الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
وتكشف المقالة أن غزة حقل تجارب للوسائل الأمنية والإجراءات القمعية؛ لقياس مدى فعالياتها في قمع الانتفاضات الداخلية. أي أنها بيئة خصبة لمعرفة كيفية تعامل الفرد الفلسطيني مع انسداد الأفق وانغلاق المجال العام وضياع الحقوق، ومعرفة أقصى قدراته في الإفلات من هذا الإحكام.
وبينما يصطف السياسيون الغربيون للهتاف لإسرائيل وهي تجوِّعُ المدنيين في غزة وتُغرِقهم في ظلام دامس لإنهاكهم قبل الغزو البري الإسرائيلي المرتقب؛ فإنه من الأهمية بمكان أن نفهم الملابسات التي أوصلتنا لهذه النقطة، وماهية مؤشرات المستقبل التي تلوح في الأفق.
قبل مُضِيِّ أكثر من عقد من الزمن، أدركت إسرائيل تدريجيًّا أن سيطرتها على قطاع غزة واحتلاله من خلال فرض حصار مشدد يمكن أن يصب في مصلحتها إستراتيجيًّا. وهكذا بدأت في تحويل هذا الجيب الساحلي المتواضع، الذي كان في السابق طوقًا مُقَيِّدًا حول رقبتها، إلى أصل ثمين ومحور رئيس في معادلة القوى والسياسات على الساحة الدولية.
أما الفائدة الأولى لإسرائيل وحلفائها الغربيين فتستحق النقاش أكثر من الثانية. فقد تحوَّل الشريط الصغير من الأرض المحاذي لساحل البحر الأبيض المتوسط الشرقي إلى منطقة تجمع مزايا أنها حقل تجارب وواجهة للعرض. فإسرائيل قادرة على استخدام غزة كميدان لتطوير مجموعة متنوعة من التكنولوجيات والإستراتيجيات المرتبطة بصناعات الأمن الداخلي التي تزدهر في الغرب، حيث يزداد القلق لدى المسئولين هناك من الاضطرابات الداخلية، والتي يُشار إليها أحيانًا بالشعبوية.
فعلى سبيل المثال؛ الحصار الذي فرضته إسرائيل على 2.3 مليون فلسطيني في غزة منذ عام 2007م إثر انتخاب حماس لحكم القطاع، سمح بإجراء الكثير من التجارب المختلفة.
هنا تأتي الأسئلة المطروحة: ما أفضل طريقة للسيطرة على السكان؟ وما القيود التي يمكن فرضها على نظامهم الغذائي وأنماط حياتهم؟ وكيف يمكن تجنيد شبكات من المخبرين والمتعاونين من مسافات بعيدة وعن بعد؟ وما تأثير حبس السكان وقصفهم المتكرر على العلاقات الاجتماعية والسياسية؟
نجد الإجابة عن هذه الأسئلة في المقال.
Leave A Comment