إعداد: حازم حسنين محمد
تهدف هذه الدراسة إلى تحليل تطور سياسة الأجور وبيان أهم التحديات التي تواجهها بالتطبيق على مصر خلال الفترة من 1974: 2018م.
وللأجور أهمية خاصة على المستوى الكلي؛ نظرًا للدور المزدوج الذي تؤديه. فمن ناحية، تُعَد مصدرًا للطلب المحلي، ومن ثَمَّ زيادة النمو الاقتصادي، أي إنها تلعب دورًا في إشباع رغبات الأفراد وحاجاتهم. ومن ناحية أخرى هي نفقة إنتاج. ويظهر هذا الدور جليًّا من خلال دائرتَي الإنتاج والتوزيع، فكما هي نفقة إنتاج فهي تعبر في الوقت ذاته عن دخل العامل.
وتعد الأهمية الاقتصادية للأجور بمنزلة حجر الزاوية الذي ترتكز عليه العملية الإنتاجية، وترجع أهمية الأجر الكبرى إلى كونه الدخل المسيطر في اتجاهاته على الدخول الأخرى (الريع والفائدة والربح). بمعنى أنه المتحكم في المستوى العام للأسعار، ويستمد الأجر تلك السيطرة باعتباره يمثل الجانب الأكبر من الدخل القومي؛ إذ أصبح نصيب الأجور في الدخل القومي يمثل أكثر من 60% في البلدان الرأسمالية المتقدمة.
وتعاني الأجور في مصر عددًا من التحديات أهمها ضعف البنية المعلوماتية الخاصة بالأجور في الاقتصاد المصري وقصورها، والفجوة بين الأجر الاسمي والحقيقي، والاتجاه التصاعدي لقيمة الأجور ونسبتها في الموازنة العامة، ومحدودية الدور النقابي وهشاشة التنظيمات النقابية. كما أن هناك العديد من الاختلالات الأجرية في مصر يأتي على رأسها أن إجمالي قيمة الأجور المدفوعة في الاقتصاد المصري تشكِّل نحو 30% من الناتج المحلى الإجمالي، وهو ما يمثِّل خللًا هيكليًّا في التوزيع الأوَّليِّ للدخل يصب في مصلحة أصحاب الأعمال ورءوس الأموال والأصول (الأرباح والفوائد والريع) وفي غير صالح العمال.
ولذا تقترح الدراسة ضرورة إعادة صياغة سياسة الأجور وربطها بالتغيرات في إنتاجية العمل، في ضوء مراعاة معدل البطالة وغيرها من المتغيرات الاقتصادية، التي تضبط العلاقة بين الأجور وإنتاجية العمل.
إن إصلاح نظام الأجور والمرتبات لا بد أن يجري في إطار منظومة أشمل لإصلاح الخدمة العامة، بالإضافة إلى أهمية التعديل التدريجي لهيكل الأجور والمرتبات، بحيث يعكس مستوًى معيشيًّا لائقًا للعاملين وحمايةً اجتماعيةً أعلى، في سياق رؤى الإصلاح التشريعي والمؤسسي كأحد أهم الركائز التي يجب أن تتناولها أية سياسة خاصة بالأجور، إذ أدى كثرة التشريعات والقرارات إلى عدم وضوح تعريف الأجور، ومن ثم صعوبة تحقيق العدالة في توزيع الأجور، وتعثر استخدامها أداةً للسياسة الاقتصادية والاجتماعية بصورة أفضل.
Leave A Comment