إعداد: نادية كرماني وأجاز احمد خان

ترجمة: منة التلاوي

لطالما حظيت قيمة “إغاثة الملهوف” بصدى طيب في الإسلام، فيقترن في أذهان المسلمين وتصوراتهم أن مُجير الملهوف يُجيره الله من كل كرب وسوء، كما حث كثير من الأحاديث وشواهد السيرة على تلك القيمة الإسلامية؛ فقد جاء في الحديث الشريف قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ للهِ عبادًا خلقَهمْ لحوائجِ الناسِ يفزعُ الناسُ إليهمْ في حوائجِهم أولئكَ الآمِنونَ يومَ القيامةِ».

ولا شك أن تكافل المجتمع المسلم ضرورة في الإسلام، ولعل الزكاة شاهد لا مراء فيه على ذلك، فيُجار الفقراء وتُسد حوائجهم بأموال الأغنياء، وذلك حق مكفول لهم في الشريعة لا تفضُّل أو مِنَّة لأحد عليهم، بل فرض استحق أن تُقام لأجله حروب الرِّدة في الإسلام.

من هذه القيم استقت منظمة الإغاثة الإسلامية قيمها واستلهمت رسالتها، ودخلت مجالًا إنسانيًّا شديد الاتساع، ورغم أن مجال عملها إنساني بالأساس قائم على عدم التمييز، فقد خضع السمت الإسلامي للمنظمة لتمييز وعنصرية، بل وعرقلة العمل في كثير من الأحيان.

كانت المنظمة تخطو في حقل عمل مفخخ بالألغام؛ ألغام الأحكام المسبقة من المجتمع الإغاثي والمنظمات الكبرى، وألغام ربط عملها بالإسلام السياسي من الحكومات في الدول التي تقدم لها المنظمة مساعداتها، وألغام تُهَم وإشاعات أُطلقت لتشويه عمل المنظمة والإساءة إلى سمعتها.

ترصد الدراسة رحلة عمل منظمة الإغاثة الإسلامية، وكيف اكتسبت مساحة عمل آمنة، وكيف استفادت من السمت الإسلامي في كسب ثقة اللاجئين والنازحين من المسلمين المتوجسين خيفة من الأجنبي الذي لا يشاركهم اللغة ولا الدين، وتوضح الدراسة كيف لم تقصر المنظمة عملها على المسلمين وحسب، بل قدمت المساعدة إلى كل من يحتاجها على السواء، لكنها قدمت دعمًا نفسيًّا هائلًا لمسلمي البلدان المنكوبة، وعزَّزت فيهم -دون أن تقصد ربما- قيم التضامن الإنساني الإسلامي وأن المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص.

وتنظر الدراسة في الرحلة بمجملها وتوازن العقبات أمام المكاسب، وتوضح كيف رسخت المنظمة وجودها وتوسعت في عملها لتكون فعالة في ٤٨ دولة حول العالم، وشريكًا قويًا لأكبر المنظمات الإغاثية العالمية حول العالم، كما تتعرض الدراسة إلى سؤال في غاية الأهمية وهو: هل ما يحتاجه اللاجئ هو تقديم المأكل والمشرب والملبس وحسب؟ أم أن هناك احتياجات إنسانية أعمق تتعلق بالإيمان؟ فإن توفرت للاجئ المسلم كل سبل العيش ولكنه سُلب حق حرية العبادة فلم تُعظَّم شعائره ولم تُحترم، هل سيكون مستقرًّا نفسيًّا أو قرير العين؟ أم يحتاج كذلك لمن يشاركه وجدانيًّا في شعائره، أو يقدم له الاحترام لتلك الشعائر على الأقل؟
من هنا، تنظر الدراسة أيضًا في قيمة الإيمان في نفس اللاجئ وقيمة تقديم الدعم في ذلك الصدد.

حمل الدراسة