إعداد: د. جميل أكبر
ترجمة: طاهرة عامر
في ظل التحديات المعاصرة التي يشهدها عالمنا اليوم، التي تُلقي بظلالها على ميادين شتى وأهمها مشكلات العمران والتلوث واتساع الهُوَّة بين الأغنياء والفقراء، تبرز بصورة مُلِحَّة الحاجة إلى فهم مفهوم حقوق الملكية وطبيعة التملُّك في إطار مقارن بين الحضارات المتنوعة والنماذج الاقتصادية المطبَّقة والتداخلات بين السلطة والأفراد، مع تسليط الضوء تسليطًا خاصًّا على الحضارة الإسلامية؛ من خلال فهم ودراسة تأثيرات المنظومة التشريعية الإسلامية على الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية، عبر تحليل “مقصوصة الحقوق” الإسلامية -هكذا يسميها الدكتور جميل أكبر لتمييزها عن غيرها ومقارنتها بالأنظمة الغربية.
هذا البحث عبارة عن تقصٍّ في التركيبة الاقتصادية السياسية للمجتمع. فيُسلط الضوء على حركيات أو آليات الحقوق في الوصول للموارد العامة، والحديث عن مشكلاتها والهيكلة السياسية للمجتمع، بالتركيز على العدالة في التوزيع والكفاءة في الإنتاج، ليصل إلى استنتاجات تُشير إلى أن الشريعة لم تُطَبَّقْ لقرون عِدَّة ولم يُفسَحْ أمامها مجال صحي لفهم آلية الحقوق وحدودها في الشريعة، وارتباط التطبيق بقضايا التلوث البيئي الذي تعاني منه الأرض الآن.
كما يتطرق البحث إلى أن الشريعة عندما كانت تُطَبَّق في بعض الأزمنة المتأخرة وبعض الأقطار كان يُذهب بمعظم القرارات إلى يد السلطات منفردة مع حرمان الفرد والمجتمع من بلورة الحلول الفعالة للاستدامة. وبهذا المنظور تنكشف الكثير من الغوامض التي تبين أسباب تخلف المسلمين وأسباب وجود صور التنمية غير المستدامة في عصرنا الحالي في الدول غير الإسلامية والإسلامية على حد سواء. فالبحث يحاول توضيح كيفية عمل الآليات الحقوقية التي أتت بها الشريعة في الحقوق خاصةً؛ للوصول لعمران أفضل ومجتمع أكثر رقيًّا دونما تلوث بيئي كالذي تنتجه مجتمعات الغرب من جهة، ودونما فقر وجهل وظلم كما هو موجود في دول العالم الثالث.
يتناول البحث بعمق نقد النماذج الاقتصادية والسياسية الرأسمالية الغربية، وكيف أنها تُفضي إلى البيروقراطية، والاحتكار، والتقسيم الطبقي. في المقابل، تقدم المقصوصة الحقوقية الإسلامية حلولًا تتسم بالاستدامة، وتختلف جذريًّا عن النمط الغربي.
ويُسلِّط البحث الضوء أيضًا على كيفية إمكانية التعلم من “مقصوصة الحقوق” الإسلامية لإنقاذ الحضارات من أزمات مثل التلوث وتغير المناخ. ويناقش البحث موضوع البطالة ونموذج الإنتاج في النظام الرأسمالي، وكيف يستغل هذا النظام البطالةَ لزيادة الإنتاج، بينما يقدم الإسلام نموذجًا بديلًا يعزز العدالة ويساهم في تقليل التلوث.
يناقش البحث أيضًا العلاقة بين التلوث والتقسيم الطبقي في الأنظمة الرأسمالية، وكيف تقدم المنظومة الإسلامية حلولًا فعالة لهذه المشكلات.
في الختام، يؤكد البحث على أن قضيةَ كوكب الأرض قضيةُ كل البشر والإنسان، وأن الكوكب نتشاركه جميعًا، والكلُّ مَعْنِيٌّ بإيجاد حلول مستدامة للحفاظ على موارده وحماية مقدراته للأجيال القادمة، وأن النماذج الغربية الحالية، بطبيعتها وتركيبتها، لا تقود إلى بيئة مستدامة ومزدهرة. وفي المقابل، فإن “مقصوصة الحقوق الإسلامية” تعرض رؤية شمولية وتفتح الآفاق لتحقيق رخاء مستدام متى طُبِّقَتْ في إطار صحي وفي مناخ يمنح الأفراد حرية اتخاذ القرار بشأن الموارد، مستنكرًا النماذج الاقتصادية الحديثة، مع التطرق إلى النقد الأيديولوجي الموجه لها.
Leave A Comment